سورة الأعراف - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (165)}
والنسيان يطلق على الساهي. والعامد: التارك، لقوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ} أي تركوه عن قصد، ومنه {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}. ومعنى {بِعَذابٍ بَئِيسٍ} أي شديد. وفيه إحدى عشرة قراءة: الأولى: قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي {بئيس} على وزن فعيل.
الثانية: قراءة أهل مكة {بئيس} بكسر الباء والوزن واحد. والثالثة: قراءة أهل المدينة {بيس} الباء مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها سين مكسورة منونة، وفيها قولان. قال الكسائي: الأصل فيه {بئيس} خفيفة الهمزة، فالتقت ياءان فحذفت إحداهما وكسر أوله: كما يقال: رغيف وشهيد.
وقيل: أراد {بئس} على وزن فعل، فكسر أوله وخفف الهمزة وحذف الكسرة، كما يقال: رحم ورحم.
الرابعة: قراءة الحسن، الباء مكسورة بعدها همزة ساكنة بعدها سين مفتوحة.
الخامسة: قرأ أبو عبد الرحمن المقرئ {بئس} الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين مكسورة منونة.
السادسة: قال يعقوب القارئ: وجاء عن بعض القراء {بعذاب بئس} الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين مفتوحة.
السابعة: قراءة الأعمش {بئيس} على وزن فيعل. وروي عنه {بيأس} على وزن فيعل. وروي عنه {بئس} بباء مفتوحة وهمزة مشددة مكسورة، والسين في كله مكسورة منونة، أعني قراءة الأعمش.
العاشرة: قراءة نصر بن عاصم {بعذاب بيس} الباء مفتوحة والياء مشددة بغير همز. قال يعقوب القارئ: وجاء عن بعض القراء {بئيس} الباء مكسورة بعدها همزة ساكنة بعدها ياء مفتوحة. فهذه إحدى عشرة قراءة ذكرها النحاس. قال علي بن سليمان: العرب تقول جاء ببنات بيس أي بشيء ردئ. فمعنى {بعذاب بيس} بعذاب ردئ. وأما قراءة الحسن فزعم أبو حاتم أنه لا وجه لها، قال: لأنه لا يقال مررت برجل بئس، حتى يقال: بئس الرجل، أو بئس رجلا. قال النحاس: وهذا مردود من كلام أبي حاتم، حكى النحويون: إن فعلت كذا وكذا فبها ونعمت. يريدون فيها ونعمت الخصلة. والتقدير على قراءة الحسن: بعذاب بئس العذاب.


{فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (166)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ} أي فلما تجاوزوا في معصية الله. {قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} يقال: خسأته فخسأ، أي باعدته وطردته. وقد تقدم في البقرة. ودل على أن المعاصي سبب النقمة: وهذا لا خفاء به. فقيل: قال لهم ذلك بكلام يسمع، فكانوا كذلك.
وقيل: المعنى كوناهم قردة.


{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)}
أي أعلم أسلافهم أنهم إن غيروا ولم يؤمنوا بالنبي الأمي بعث الله عليهم من يعذبهم.
وقال أبو علي: {أذن} بالمد، أعلم. و{أذن} بالتشديد، نادى.
وقال قوم: آذن وأذن بمعنى أعلم، كما يقال: أيقن وتيقن. قال زهير:
فقلت تعلم إن للصيد غرة *** فإلا تضعيها فإنك قاتلة
وقال آخر:
تعلم إن شر الناس حي *** ينادى في شعارهم يسار
أي اعلم. ومعنى {يَسُومُهُمْ} يذيقهم، وقد تقدم في البقرة. قيل: المراد بخت نصر.
وقيل: العرب.
وقيل: أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أظهر، فإنهم الباقون إلى يوم القيامة. والله أعلم. قال ابن عباس: {سُوءَ الْعَذابِ} هنا أخذ الجزية. فإن قيل: فقد مسخوا، فكيف تؤخذ منهم الجزية؟ فالجواب أنها تؤخذ من أبنائهم وأولادهم، وهم أذل قوم، وهم اليهود. وعن سعيد بن جبير {سُوءَ الْعَذابِ} قال: الخراج، ولم يجب نبي قط الخراج، إلا موسى عليه السلام هو أول من وضع الخراج، فجباه ثلاث عشرة سنة، ثم أمسك، ونبينا عليه السلام.

31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38